النضال الصامت: الفقر والفروقات الاقتصادية وفرص العمل في المجتمع العربي
- اديب الناطور

- Oct 13
- 3 min read
بكل قاعة محكمة بدخلها وكل حي بزوره - من سخنين لطيبة، من الناصرة للرهط - بنسمع نفس الحقيقة: الفقر مش بس رقم وإحصائية، هو واقع يومي بيحدد حياة مئات الآلاف من المواطنين العرب في إسرائيل. بيأثر على خياراتنا، بيقلل فرصنا، وكثير من الأحيان بيسرق أمل الشباب قبل ما يبدؤوا حياتهم.
هالشي مو نتيجة كسل أو نقص مهارات. هو نتيجة عقود من التمييز الهيكلي والإهمال الاقتصادي - سياسات حطت المواطنين العرب على أطراف الاقتصاد الإسرائيلي.
مشكلة هيكلية مش شخصية
نسبة الفقر بين العائلات العربية في إسرائيل تقريباً ضعف أو حتى ثلاثة أضعاف العائلات اليهودية. يعني تقريباً نص الأطفال العرب بينشأوا تحت خط الفقر - من دون تعليم جيد، برامج بعد المدرسة، أو حتى بنية تحتية مستقرة في أحيائهم.
معظم البلدات العربية بنيت تحت قوانين تخطيط صارمة. المناطق الصناعية قليلة، المواصلات العامة ضعيفة، والسلطات كثيراً ما ترفض تصاريح البناء. لما ما يكون في فرص عمل أو مناطق صناعية قريبة، الشباب مجبور يسافر ساعات للشغل - أو الأسوأ، يضلوا بلا عمل.
بالقانون، هالشي بنسميه تمييز هيكلي: النظام بيخلق نتائج غير متساوية حتى بدون نية عنصرية مباشرة. والنتائج واضحة بشكل مؤلم.

فجوة العمل والفروقات بين الجنسين
فجوة التوظيف واحدة من أوضح مؤشرات هالظلم. بين الرجال العرب، المشاركة بالشغل تحسنت شوي، بس الأجور لا تزال أقل من المتوسط القومي. أما النساء العربيات، الوضع أصعب. كثير منهن متعلمات وطموحات، لكن بيواجهوا حواجز متعددة - توقعات المجتمع، نقص الحضانات، ضعف المواصلات، وأرباب العمل اللي “يفضلوا” اليهود.
مفارقة مؤلمة: بينما الدولة تحتفل بالابتكار والتكنولوجيا، هناك مجتمعات كاملة محجوبة عن الاقتصاد. قطاع التكنولوجيا المتقدمة اللي بيشكل جزء كبير من الناتج المحلي، يضم أقل من 3% من المهنيين العرب. مش لأن شبابنا بلا مهارة، لكن لأن الفرص لم تُوزع بالتساوي.
التعليم: أساس عدم المساواة
التعليم المفروض يكون هو المساوي الكبير. بس المدارس العربية ميزانيتها أقل، المباني قديمة، ومعدلات التسرب أعلى. هالشي مو صدفة. لعقود، البلديات العربية حصلت على موارد أقل لكل طالب مقارنة باليهودية. المعلمين والمديرين بيشتغلوا بجد في ظروف صعبة، لكن بدون استثمار متساوي، النتائج ما بتكون متساوية.
النتيجة متوقعة: أقل الطلاب العرب بيدخلوا الجامعات، وحتى اللي بيتخرجوا بيواجهوا صعوبة في إيجاد وظائف مناسبة. النتيجة هي دائرة بطالة دون استخدام الكفاءات - جيل ينقل إحباطه للجيل اللي بعده.
البُعد القانوني: الحقوق بلا عدالة
كمحامية، كثير بشوف زبائن ما بيقدروا يفرضوا حقوقهم الاقتصادية الأساسية. العمال العرب معرضين أكثر لسرقة الأجور، ظروف عمل خطرة، وقلة الوصول للعلاج القانوني. لما لغتك العبرية ضعيفة أو تخاف تفقد شغلك إذا تكلمت، العدالة بتصير رفاهية ما تقدر تتحملها.
قوانين إسرائيل، على الورق، بتوعد بالمساواة. بس المساواة بالكلام مش مساواة بالواقع. دستور بلا حماية صريحة ضد التمييز الاقتصادي يسمح للدولة بتجاهل البلدات العربية من دون مخالفة رسمية. المحاكم نادراً ما تدخلت، وتركوا مجتمعات كاملة محاصرة بالبيروقراطية.
التكلفة على المجتمع
لما الفقر يتعمق، بيزيد الإحباط الاجتماعي. مش صدفة إن الجريمة والعنف ارتفعوا بشكل ملحوظ في البلدات العربية خلال العقد الأخير. اليأس الاقتصادي، البطالة، وقلة الفرص بيخلق أرض خصبة للجريمة المنظمة. هالشي مش فشل أخلاقي لشعبنا - هو النتيجة الطبيعية للإقصاء.
وبرغم هالشي، استجابة الحكومة غالباً محدودة للشرطة بدل الاستثمار. بدلاً من تمويل التعليم والبنية التحتية أو تطوير الأعمال، الدولة بتزيد سيارات الشرطة. الفقر يُعامل كمسألة أمنية مش اجتماعية.
نداء للعدالة الاقتصادية
المساواة الحقيقية تحتاج أكثر من رموز وشعارات - بتطلب إعادة توزيع، إصلاح التخطيط، والاعتراف بالظلم التاريخي.احنا بحاجة:
ميزانيات بلدية عادلة تعكس عدد السكان واحتياجات المجتمع.
مناطق صناعية وتقنية داخل البلدات العربية لتوفير فرص عمل محلية.
استثمار بالتعليم والتدريب المهني، خصوصاً للنساء والشباب.
إصلاحات قانونية تضمن الوصول المتساوي لعطاءات الدولة، تراخيص الأعمال، والتخطيط العمراني.
محاسبة الحكومة - تقاس بالنتائج مش بالوعود فقط.
المجتمع العربي في إسرائيل ما بطلب صدقة؛ بطلب عدالة. ما بطلب انفصال؛ بطلب مشاركة عادلة. الفجوات الاقتصادية بين العرب واليهود مش بس مشكلة عربية - هي مشكلة وطنية بتضعف أساس الديمقراطية الإسرائيلية.
الخاتمة: نحو كرامة وشمولية
الفقر مش بس نقص بالدخل - هو نقص بالفرص، بالاحترام، والاعتراف.كل طفل يولد في أم الفحم، سخنين أو الرهط يستحق نفس الفرص مثل طفل يولد بتل أبيب أو حيفا. السؤال مش إذا الدولة قادرة تسد هالفجوات - السؤال إذا عندها الشجاعة الأخلاقية لتعمل هالشي.
لحد هاليوم، احنا - المحامين، المعلمين، الأهالي، والمواطنين العرب - رح نواصل الكلام، الكتابة، والنضال من أجل الكرامة الاقتصادية. لأن العدالة ما بتكتمل إلا لما توصل لكل بيت، لكل شارع، ولكل طفل في مجتمعنا.

Comments