top of page

ليبرمان والخوف المُسوَّق

  • Writer: اديب الناطور
    اديب الناطور
  • Oct 8
  • 1 min read
ree

الأمن كأداة للتمييز في تصريحاته الأخيرة، حذر أفيغدور ليبرمان الإسرائيليين من “عزم الإيرانيين على الانتقام”، داعيا المواطنين إلى البقاء قرب أماكن آمنة. على الرغم من أن التحذير يبدو أمنيًا بحتا، إلا أنه يعكس واقعا سياسيًا وقانونيا أعمق: استخدام خطاب الخطر الخارجي لتغطية الأزمات الداخلية، وأبرزها التمييز البنيوي بين المواطنين العرب واليهود.


إسرائيل، التي تعرف نفسها كدولة ديمقراطية، تستمر في فرض قوانين وممارسات مؤسساتية تميز بشكل واضح بين “المواطن اليهودي” و”المواطن العربي”. هذا التمييز لا يظهر فقط في السكن والتعليم والخدمات العامة، بل يمتد إلى مفهوم الأمن نفسه: من يُعتبر مستحقًا للحماية ومن ينظر إليه كتهديد محتمل. عندما يدعو ليبرمان الإسرائيليين للبقاء قرب “أماكن آمنة”، فإن هذا الأمان لا يشمل العرب. مناطقنا – من النقب إلى الجليل والمثلث – تُركت دون بنى تحتية للطوارئ، ودون ملاجئ كافية، ودون خطط حماية مدنية جديّة. في المقابل، تُنفق الدولة مليارات الشواقل على تحصين المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ما يعكس سياسة متعمدة لإدامة التمييز المكاني والأمني.


خطاب ليبرمان عن “الخطر الإيراني” يخدم غاية مزدوجة: أولا، توحيد الداخل اليهودي خلف شعور الخطر، وثانيا، تعزيز هيمنة سياسية وأمنية تحدد من يستحق الحماية ومن يُستبعد. هذا الاستخدام للأمن ليس بريئا؛ إنه أداة لتبرير الإقصاء والمراقبة المستمرة، ولإعادة إنتاج التفوق اليهودي على المواطن العربي. ليبرمان نفسه، الذي يحاول الظهور كزعيم حازم يحمي الدولة، لم يتوقف عن التحريض ضد العرب ووصفهم بـ”التهديد الداخلي”. فدعوة البقاء قرب أماكن آمنة تبدو هنا أكثر كوسيلة سياسية لتعزيز موقعه الشخصي، وليس كتوجيه حقيقي للأمن العام.


في النهاية، ما يظهر من خطاب ليبرمان ليس تحذيرا بريئا، بل مثال صارخ على كيف يمكن للدولة أن تستخدم “الأمن” لتكريس التمييز البنيوي، وجعل الخوف أداة للسيطرة السياسية والاجتماعية، بدل أن يكون حماية حقيقية لكل مواطنيها، بغض النظر عن هويتهم.


Comments


من 48 - عشان 48

  • X
  • Facebook
  • Instagram
bottom of page