top of page

مصادقة الكنيست على القراءة الأولى لقانون إعدام الأسرى: بين البعد السياسي وتحولات الخطاب الإسرائيلي

  • Writer: آدم محمد عكاوي
    آدم محمد عكاوي
  • Nov 17
  • 2 min read
ree

أقدمت الكنيست الإسرائيلية مؤخرا على المصادقة بالقراءة الأولى على مشروع قانون يقضي بإمكانية تنفيذ حكم الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين المتهمين بقتل إسرائيليين. هذا التطور التشريعي ليس مجرد خطوة قانونية عابرة، بل يعكس تحوّلاً جوهريا في المزاج السياسي والمجتمعي الإسرائيلي، ويثير أسئلة جوهرية حول العلاقة بين الأمن والسياسة والعدالة في السياق الإسرائيلي–الفلسطيني.


يأتي هذا القانون في ظل تصاعد التوترات الأمنية واستمرار المواجهة في الأراضي الفلسطينية، خاصة بعد الحرب على غزة واتساع العمليات في الضفة الغربية. ويُلاحظ أن طرح فكرة “الإعدام” لم يعد محصورا في أطراف اليمين المتطرف فحسب، بل أصبح يحظى بدعم من طيف أوسع داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، ما يشير إلى انتقال خطاب “الردع المطلق” إلى مركز السياسة الإسرائيلية. هذا التحول يعبّر عن نزعة انتقامية متصاعدة تسعى إلى تقديم حلول رمزية للرأي العام الإسرائيلي، في ظل فشل السياسات الأمنية في تحقيق “الردع الكامل” الذي تنشده الحكومات المتعاقبة.


من الناحية القانونية، يثير المشروع إشكاليات متعددة تتعلق بتناقضه مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان، ومع التزامات إسرائيل كدولة موقعة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يقيد استخدام عقوبة الإعدام بأضيق الحدود، ويشترط محاكمات عادلة ومستقلة. كما أن القانون يحمل طابعًا تمييزيًا واضحا، إذ يقتصر تطبيقه على “الفلسطينيين” دون أن يشمل الجنود أو المستوطنين الإسرائيليين في حال ارتكبوا جرائم مشابهة، ما يكرّس مفهوم “العدالة الانتقائية” ويعمّق الفجوة بين نظامين قانونيين قائمين على أساس الهوية القومية.


على المستوى السياسي، يعكس القانون محاولة من حكومة اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو وحلفائه المتطرفين – وعلى رأسهم إيتمار بن غفير – لإرضاء قاعدتهم الشعبية الغاضبة، وإعادة توجيه النقاش العام من إخفاقات الحكومة الأمنية إلى خطاب “الرد القاسي” على الفلسطينيين. وبذلك، يتحوّل القانون إلى أداة تعبئة سياسية داخلية أكثر من كونه أداة قانونية ذات أثر فعلي في “محاربة الإرهاب”.


أما من زاوية العلاقات الإسرائيلية–الدولية، فمن المرجح أن تثير هذه الخطوة انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية والدول الأوروبية، وربما تعيد طرح تساؤلات حول مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني. كما أنها قد تُستغل من قبل الفصائل الفلسطينية كدليل إضافي على “سياسة الإبادة والتمييز”، ما يزيد من حالة الاستقطاب ويقوّض فرص أي عملية سياسية في المدى القريب.


في المحصلة، يمكن القول إن مصادقة الكنيست على القراءة الأولى لقانون إعدام الأسرى لا تمثل مجرد إجراء قانوني، بل هي مرآة لتحول عميق في البنية الفكرية والسياسية للمجتمع الإسرائيلي، حيث يختلط الأمن بالأيديولوجيا، ويُستخدم القانون كأداة لتكريس القوة بدلاً من تحقيق العدالة. وهي خطوة، مهما كانت مآلاتها التشريعية، ستترك أثرًا طويل الأمد على شكل الصراع وعلى صورة إسرائيل أمام العالم.

Comments


من 48 - عشان 48

  • X
  • Facebook
  • Instagram
bottom of page